ي شهر أذار ، في سنة الانتفاضة ، قالت لنا الارض
|
أسرارها الدمويّة . في شهر أذار مرّت أمام
|
البنفسج والبندقيّة خمس بنات . وقفن على باب
|
مدرسة ابتدائيّة ، واشتعلن مع الورد والزعتر
|
البلديّ . افتتحن نشيد التراب . دخلن العناق
|
النهائيّ - اذار يأتي الى الارض من باطن الارض
|
يأتي ، ومن رقصة الفتيات-البنفسج مال قليلا
|
ليعبر صوت البنات . العصافير مدّت مناقيرها
|
في اتجاة النشيد وقلبي .
|
أنا الارض
|
والارض أنت
|
خديجة ! لا تغلقي الباب
|
لا تدخلي في الغياب
|
سنطردهم من اناء الزهور وحبل الغسيل
|
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
|
سنطردهم من هواء الجليل .
|
وفي شهر أذار ، مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس
|
بنات . سقطن على باب مدرسة ابتدائيّة . للطباشير
|
فوق الاصابع لون العصافير . في شهر أذار قالت
|
لنل الارض أسرارها .
|
-1-
|
أسمّي التراب امتدادا لروحي
|
أسمّي يديّ رصيف الجروح
|
أسمّي الحصى أجبحة
|
أسمّي العصافير لوزا وتين
|
أسمّي ضلوعي شجر
|
وأستلّ من تينة الصدر غصنا
|
وأقذفة كالحجر
|
وأنسف دبّابة الفاتحين .
|
-2-
|
وفي شهر أذار، قبل ثلاثين عاما وخمس حروب ،
|
ولدت على كومة من حشيش القبور المضئ .
|
أبي كان في قبضة الانجليز . أمّي تربّي جديلتها
|
وامتدادي على العشب . كنت أحبّ " جراح
|
الحبيب " وأجمعها في جيوبي ، فتذبل عند الظهيرة ،
|
مرّ الرصاص على قمري الليلكيّ فلم ين..ر
|
غير أن الز مان يمرّ على قمري الليلكيّ فيسقط في
|
القلب سهوا ...
|
وفي شهر أذار نمتدّ في الارض
|
في شهر أذار تنتشر الارض فينا
|
مواعيد غامضة
|
واحتفالا بسيطا
|
ونكتشف البحر تحت النوافذ
|
والقمر الليلكيّ على السرو
|
في شهر أذار ندخل أول سجن وندخل أول حبّ .
|
وتنهمر الذكريات على قرية في السياج
|
وادنا هناك ولم نتجاوز ظلال السفرجل
|
كيف تفرّين من سبلي يا ظلال السفرجل ؟
|
في شهر أذار ندخل أةل حبّ
|
وندخل أول سجن
|
وتنبلج الذكريات عشاء من اللغة العربية
|
قال لي الحبّ يوما : دخلت الى الحلم وحدي فضعت
|
وضاع بي الحلم . قلت : تكاثر ! تر النهر يمشي
|
اليك .
|
وفي شهر أذار تكتشف الارض أنهارها
|
-3-
|
بلادي البعيدة عني ... كقلبي !
|
بلادي القريبة مني ... ..جني !
|
لملذا أغنّي
|
مكانا ، ووجهي مكان؟
|
لماذا أغنّي
|
لطفل ينام على الزعفران
|
وفي طرف النوم خنجر
|
وأمّي تناولني
|
صدرها
|
وتموت أمامي
|
بنسمة عنبر ؟
|
-4-
|
وفي شهر أذار تستيقظ الخيل
|
سيّدتي الارض !
|
أيّ نشيد سيمشي على بطنك المتموّج ، بعدي ؟
|
وأيّ نشيد يلالئم هذا الندى والبخور
|
كأنّ الهياكل تستفسر الان عن أنبياء فلسطينفي بدئها
|
المتواصل
|
هذا اخضرار المدى واحمرار الحجارة -
|
هذا نشيدي
|
وهذا خروج المسيح من الجرح والريح
|
أخضر مثل البنات يغطي مساميرة وقيودي
|
وهذا نشيدي
|
وهذا صعود الفتى العربيّ الى الحلم والقدس ...
|
في شهرأذار تستيقظ الخيل .
|
سيّدتي الارض !
|
والقمم اللولبيّة تبسطها الخيل سجّادة للصلاة السريعة
|
بين الرماح وبين دمي .
|
نصف دائرة ترجع الخيل قوسا
|
ويلمع وجهي ووجهك حيفا وعرسا
|
وفي شهر آذار ينخفض البحر عن أرضنا المستطيلة مثل
|
حصان على وتر الجنس .
|
في شهر آذار ينتفض الجنس في شجر الساحل العربيّ
|
وللموج أن يحبس الموج ... أن يتموّج ... أن
|
يتزوّج ... أو يتضرّج بالقطن
|
أرجوك - سيّدتي الأرض - أن تسكنيني وأن تسكنيني
|
صهيلك
|
أرجوك أن تدفنيني مع الفتيات الصغيرات بين البنفسج
|
والبندقية
|
أرجوك - سيّدتي الأرض - أن تخصبي عمري المتمايل
|
بين سؤالين : كيف ؟ وأين ؟
|
وهذا ربيعي الطليعيّ
|
هذا ربيعي النهائيّ
|
في شهر آذار زوجت الأرض أشجارها .
|
-5-
|
كأنّي أعود إلى ما مضى
|
كأنّي أسير أمامي
|
وبين البلاط وبين الرضا
|
أعيد انسجامي .
|
أنا ولد الكلمات البسيطه
|
وشهيد الخريطه
|
أنا زهرة المشمش العائليّه .
|
فيا أيّها القابضون على طرف المستحيل
|
من البدء حتى الجليل
|
أعيدوا إليّ يديّ
|
أعيدوا إليّ الهويّه !
|
-6-
|
وفي شهر آذار تأتي الظلال حريرية والغزاة بدون ظلال
|
وتأتي العصافير غامضة كاعتراف البنات
|
وواضحة كالحقول
|
العصافير ظلّ الحقول على القلب والكلمات .
|
خديجة !
|
- أين حفيداتك الذاهبات إلى حبّهن الجديد ؟
|
- - ذهبن ليقطفن بعض الحجارة
|
قالت خديجة وهي تحث الندى خلفهنّ .
|
وفي شهر آذار يمشي التراب دما طازجا في الظهيرة…
|
خمس بنات يخبّئن حقلا من القمح تحت الضفيرة…
|
يقرأن مطلع أنشودة عن دوالي الخليل . ويكتبن
|
خمس رسائل :
|
تحيا بلادي
|
من الصفر حتى الجليل
|
ويحلمن بالقدس بعد امتحان الربيع وطرد الغزاة .
|
خديجة ! لا تغلقي الباب خلفك
|
لا تذهبي في السحاب
|
ستمطر هذا النهار
|
ستمطر هذا النهار رصاصا
|
ستمطر هذا النهار !
|
وفي شهر آذار ، في سنة الانتفاضة ، قالت لنا الأرض
|
أسرارها الدمويّة : خمس بنات على باب مدرسة
|
ابتدائيّة يقتحمن جنود المظلات . يسطع بيت
|
من الشعر أخضر … أخضر . خمس بنات على
|
باب مدرسة ابتدائيّة ين..رن مرايا مرايا
|
البنات مرايا البلاد على القلب …
|
في شهر آذار أحرقت الأرض أزهارها .
|
-7-
|
أنا شاهد المذبحه
|
وشهيد الخريطه
|
أنا ولد الكلمات البسيطه
|
رأيت الحصى أجنحه
|
رأيت الندى أسلحه
|
عندما أغلقوا باب قلبي عليّا
|
وأقاموا الحواجز فيّا
|
ومنع التجوّل
|
صار قلبي حاره
|
وضلوعي حجاره
|
وأطلّ القرنفل
|
وأطلّ القرنفل
|
-8-
|
وفي شهر أذار رائحة للنباتات . هذا زواج العناصر .
|
" آذار أقسى الشهور " وأكثرها شبقا . أيّ
|
سيف سيعبر بين شهيقي وبين زفيري ولا يت..ّر !
|
هذا عناقي الزراعيّ في ذروة الحبّ . هذا انطلاقي
|
إلى العمر .
|
فاشتبكي يا نباتات واشتركي في انتفاضة جسمي ، وعودة
|
حلمي إلى جسدي .
|
سوف تنفجر الأرض حين أحقّق هذا الصراخ المكبّل
|
بالريّ والخجل القروي .
|
وفي شهر آذار نأتي إلى هوس الذكريات ، وتنمو علينا
|
النباتات صاعدة في اتجاهات كل البدايات . هذا
|
نموّ التداعي . أسمّي صعودي إلى الزنزلخت التداعي.
|
رأيت فتاة على شاطىء البحر قبل ثلاثين عاما
|
وقلت : أنا الموج ، فابتعدت في التداعي . رأيت
|
شهيدين يستمعان إلى البحر . عكا تجيء مع الموج
|
عكا تروح مع الموج . وابتعدا في التداعي .
|
ومالت خديجة نحو الندى ، فاحترقت ، خديجة ! لا
|
تغلقي الباب !
|
إنّ الشعوب ستدخل هذا الكتاب وتأفل شمس أريحا
|
بدون طقوس .
|
فيا وطن الأنبياء ... تكامل !
|
ويا وطن الزراعين ... تكامل !
|
ويا وطن الشهداء ... تكامل !
|
ويا وطن الضائعين ... تكامل !
|
فكلّ شعاب الجبال امتداد لهذا النشيد،
|
وكل الأناشيد فيك امتداد لزيتونة زمّلتني .
|
-9-
|
مساء صغير على قرية مهمله
|
وعينان نائمتان
|
أعود ثلاثين عاما
|
وخمس حروب
|
وأشهد أن الزمان
|
يخبّىء لي سنبله
|
يغنّي المغنّي
|
عن النار والغرباء
|
وكان المساء مساء
|
وكان المغنّي يغنّي
|
ويستجوبونه :
|
لماذا تغنّي ؟
|
يردّ عليهم :
|
لأنّي أغنّي
|
وقد فتّشوا صدره
|
فلم يجدوا غير قلبه
|
وقد فتّشوا قلبه
|
فلم يجدوا غير شعبه
|
وقد فتّشوا صوته
|
فلم يجدوا غير حزنه
|
وقد فتّشوا حزنه
|
فلم يجدوا غير سجنه
|
وقد فتّشوا سجنه
|
فلم يجدوا غير أنفسهم في القيود
|
وراء التلال
|
ينام المغنّي وحيدا
|
وفي شهر آذار
|
تصعد منه الظلال
|
-10-
|
أنا الأمل السهل والرحب - قالت لي الأرض . والعشب
|
مثل التحيّة في الفجر
|
هذا احتمال الذهاب إلى العمر خلف خديجة . لم يزرعوني
|
لكي يحصدوني
|
يريد الهواء الجليليّ أن يتكلم عني ، فينعس عند خديجة
|
يريد الغزال الجليليّ أن يهدم اليوم سجني ، فيحرس ظل
|
خديجة وهي تميل على نارها
|
يا خديجة ! إني رأيت ... وصدقّت رؤياي . تأخذني
|
في مداها وتأخذني في هواها . أنا العاشق الأبديّ ،
|
السجين البديهيّ . يقتبس البرتقال اخضراري ويصبح
|
هاجس يافا
|
أنا الأرض منذ عرفت خديجة
|
لم يعرفوني لكي يقتلوني .
|
بوسع النبات الجليليّ أن يترعرع بين أصابع كفي ويرسم
|
هذا المكان الموزّع بين اجتهادي وحبّ خديجة
|
هذا احتمال الذهاب الجديد إلى العمر من شهر آذار حتى
|
رحيل الهواء عن الأرض
|
هذا التراب ترابي
|
وهذا السحاب سحابي
|
وهذا جبين خديجة
|
أنا العاشق الأبديّ السجين البديهيّ
|
رائحة الأرض توقظني في الصباح المبكر...
|
قيدي الحديديّ يوقظها في المساء المبكر
|
هذا احتمال الذهاب الجديد إلى العمر ،
|
لا يسأل الذاهبون إلى العمر عن عمرهم
|
يسألون عن الأرض : هل نهضت
|
طفلتي الأرض !
|
هل عرفوك لكي يذبحوك ؟
|
وهل قيّدوك بأحلامنا فانحدرت إلى جرحنا في الشتاء ؟
|
وهل عرفوك لكي يذبحوك ؟
|
وهل قيّدوك بأحلامهم فارتفعت إلى حلمنا في الربيع ؟
|
أنا الأرض ...
|
يا أيّها الذاهبون إلى حبة القمح في مهدها
|
أحرثوا جسدي !
|
أيّها الذاهبون إلى جبل النار
|
مرّوا على جسدي
|
أيّها الذاهبون إلى صخحرة القدس
|
مرّوا على جسدي
|
أيّها العابرون على جسدي
|
لن تمرّوا
|
أنا الأرض في جسد
|
لن تمرّوا
|
أنا الأرض في صحوها
|
لن تمرّوا
|
أنا الأرض . يا أيّها العابرون على الأرض في صحوها
|
لن تمرّوا
|
لن تمرّوا
|
لن تمرّوا |